هي العمارة التي تحتضن مراقد الأئمّة (المدافن) عند الشيعة. و”العتبة” في اللّغة هي (خشبة الباب التي يوطأ عليها بالأقدام، وقد تشمل حدود الباب بأكمله).عبر الزمن اكتسبت أضرحة الأئمّة المقدّسة هذه التسميّة نتيجة عُرفٍ كان يُبجّل أبواب قصور الملوك ومداخل بيوتهم احترامًا لهم، وصل إلى حدّ تقبيل العتبة. وسرى هذا العرف على أبواب أضرحة الأئمّة وعتباتهم، وما لبثت أن أصبحت طقوسًا مقدّسة عمّت وأعطت المكان بكلّيته تسمية “عتبة”.
تتوزّع العتبات المقدّسة بين مراقد الأئمّة الأحد عشر المعصومين عند المسلمين الشيعة، إلى مراقد أهل البيت رجالًا ونساءً المنحدرين من الأئمّة ممن عُرفوا بالصلاح والعلم. وتعتبر زيارة العتبات المقدّسة من أهم التقاليد الدينيّة للشيعة بعد الحجّ إلى مكة رغم كونها ليست فرضًا. يتوافد المؤمنون على مدار العام إلى النجف وكربلاء وسامرّاء والكوفة والكاظمية (العراق) ومشهد (إيران) ودمشق (سوريا)، لـتثبيت الولاء والعقيدة للنبي وأهل بيته، وطلبًا لشفاعتهم، وإحياءً لذكراهم في الوجدان الشيعيّ.
يوشِك قفلُ ضريحك أن يتبلَّجَ عنك.. أراك بكل المرايا على صهوة من ضياء.. وتخرج منها, وأُذهل أنَّك أكثرُ منا حياةً.. ألستَ الحسينَ بن فاطمةَ وعليٍ؟ لماذا الذهول؟!
الشاعر العراقي مظفر النواب
يُشكّل مبنى الضريح المستطيل المبنيّ فوق المرقد المقدّس، نقطة المركز في بناء العتبة التي قد تتمدّد مبانيها وملحقاتها وتتوسّع على مسافة كبيرة من حوله. تضمّ "الروضة" وهو (السور الخارجيّ الضخم) المغطّى بالفسيفساء القيشانيّ الملوّن والمرصوفة في تشكيلات هندسيّة تتضمن آيات من القرآن. تفضي أبواب السور العديدة إلى "أواوين" الزوار والطلبة، التي يحوي بعضها مدافن كبار العلماء والشخصيات العلمية والملوك والسلاطين، وتتّصل بأروقة تحيط "بـالصحن" والصحن هو (الساحة الذي تحتضن في وسطها الضريح). وتضمّ العتبات المقدّسة كذلك أبنية مُلحقة عديدة (مكتبة، متحف، مساجد، مدارس، مقابر،مراقد، ومزارات).
في الداخل، يُسيِّج "الشبّاك" الضريح الذي يحوي الرّفاة. و"الشبّاك" هو (صندوق مربّع ضخم)، مصنوع من الخشب الثمين المطعّم بالأحجار النفيسة، والمغطّى بأطنان من الفضّة والذهب المصاغة يدويًا والمشغولة كمشبّكات ممسوكة بأطارات فضّيّة مزخرفة تتيح رؤية الضريح، وتجمعها أعمدة ضخمة على الأطراف. يُغطّى سقف "الشباك" من الأعلى بتيجان من الذهب والفضّة المزخرفة بنقوش نباتيّة وهندسيّة وبآيات قرآنيّة وأحاديث. وتعلوه قبّة ضخمة عالية مكسوّة من الداخل بالقيشانيّ والنقوش والكتابات القرآنيّة ومطليّة من الخارج بالذهب الخالص. وتشكّل هذه القباب الذهبيّة الضخمة كما المآذن الذهبية العاليّة ميزة معماريّة خاصّة بالعتبات الشيعيّة.