عبر الزمن كان بناء الزقورة كمعبدٍ في حضارات بلاد ما بين النهرين (العراق) هدفه دينيّ بحت، وهو السموّ إلى الأعالي والاقتراب من السّماء حيث مقرّ الألهة. في الزقورة اُقيمت الشعائر الدينيّة وقدّمت النذور وتوّج الملوك، واستخدمت كذلك كمرصد للنجوم والأفلاك. يعود مصطلح “الزقورة” إلى اللغة الآكاديّة الساميّة، ويعني (قمّة الجبل او المكان العالي) وتًلفظ “Ziqqurratu” حيث وردت بهذه الصيغة في ملحمة “غلغامش”.
لعبت الطبيعة الجغرافيّة لبلاد ما بين النهرين دورًا أساسيًّا في تطوير عمارة الزقورة، نظرًا لعدم وجود جبال في مناطق الوسط والجنوب، كما لغياب الصخور والأشجار المتينة فيها. ولهذا استعاضت العمارة الميزوبوتانيّة لبناء حضاراتها عن الحجارة الصلبة والصخور بـ”الآجر” المصنوع من قوالب الطين الأحمر المعجون، بنوعيه النّيىء المجفّف”اللبنيّ” أو المشويّ القاسي”المفخور”.
كانت المعابد في بلاد ما بين النهرين على نوعين: بسيطة مكوّنة من طبقة واحدة تردم على شكل منصّة أرضيّة بارتفاع محدّد، ويُبنى فوقها المعبد الكبير المخصّص لعامّة الشعب(معبد الوركاء الأبيض/معبد اريدو)، أو مشيّدة بتقنيّات معقّدة أنتجت مباني مدرّجة ترتفع عاليًّا على عدّة طبقات هي "الزقورات". وقد تطوّرت عمارة الزقورات عبر الزمن وازدادت طبقاتها تباعًا لكونها بُنيت فوق أنقاض بعضها. وخُصصّت الطبقة العليا لاحتواء "المعبد الصغير" الخاص بالآلهة، والمحرّم على غير الكهنة. يجسّد هذا المعبد العالي توق حضارات بلاد ما بين النهرين للتقرّب من مجمّع الآلهة في السماء، وبناء مكان لربط الإله في السماء بنائبه الملك على الأرض.
معبد آشور القديم الذي بناه شُلمانُ- أشريد "شلمنصر" بن ادد- نيراري ملك بلاد آشور الأمير الذي سبقني سقط وأصبح خرابًا، وبعد انقضاض 586 سنة سقط ثانية وأصبح خرابًا. ذلك المعبد لم أغيّر موقعه، ولكن وضعت عليه الزينة من الذهب والفضّة والأحجار الكريمة والبخور وأخشاب الأرز وثبّتت أسس جدرانه ووضعت عليه الآجر وأكملت بناءه.
الملك الآشوري آشور- آخ- ادن
عبر الزمن اختلفت هيكليّة المعبد السفليّ المخصّص لعامّة الشعب، من السور المحيط به إلى المعابد العديدة المخصّصة للآلهة، سواء كانت محيطة به أو ملاصقة له. يتكوّن المعبد السفليّ من قاعة واسعة مستطيلة الشكل تقع في المركز، مزيّنة بالآجر المشويّ الملوّن بأشكال هندسيّة، ويحوي منصّة تقابلها كتلة مكعّبة الشكل من الآجر تُعدّ بمثابة مذبح أو قاعدة للأضاحي. وتحيط بالقاعة غرف صغيرة تستخدم لطقوس العبادة وتخزين الهدايا والقرابين.
من الخارج تطوّرت التقنيات المستخدمة في عمارة الزقورات، فزيّنت بعض المعابد في البدايات بطلاءٍ من الجبس الأبيض (كما في المعبد الأبيض). ومع ارتفاع الزقورة لُوّنت المدرّجات بألوان خاصة بكلّ طبقة، وأضيفت اليها المنحدرات، التي بُني في وسطها سلّم رئيس يصل إلى المعبد الصّغير في الأعلى. ومع الزمن رُصفت القواعد ومن ثمّ جدران الزقورات بالآجر المفخور والمحدّب، وكسيت بالآجر المزجّج والملوّن أو بالرّخام من الداخل أحيانًا. وقد تميزت بعض المعابد بأشكالها النادرة منها الشكل البيضاويّ في(معبد وزقورة خفاجي- نهاية الألف الرابع ق.م). وتبقى السلالم بشكلها اللولبيّ المحيطة بالزقورة من الأسفل للوصول إلى المعبد في المصطبة السابعة ميزة "زقورة الحضارة الأشوريّة".