تُسمّى الأماكن التي تصلّي فيها الفرق الإنجيليّة بالكنائس. وتتميّز مباني الكنائس الإنجيليّة بتنوّع أشكالها وفقًا للثقافات المختلفة التي جاءت منها (كالأنغليكانيّة واللوثريّة والـمُصْلَحة والمعمدانيّة والخمسينيّة وغيرها). يُراعى في تصميم الكنائس الإنجيليّة أساسًا تمكّن الناس من الاصغاء بوضوح إلى العظة وإعلان كلمة الله. من هنا، إنعكس الإصلاح على الهندسة المعماريّة للكنائس مع انتشار الإصلاح في أوروبا (القرن 16 ميلاديّ)؛ فاستغنى بعضها مثلًا عن الأبراج والقبب، وأستبدل بعضها الآخر جوق الكنيسة الذين كانوا يرتّلون الترانيم مع الكهنة والأحبار قرب الهيكل، بالترانيم مع جمهور العابدين. وأعيد بالتالي ترتيب المساحات الهندسيّة داخل الكنيسة، وتمّ التركيز على المنبر، لا على الهيكل، الذي تُلقى منه العظة وتُعلن كلمة الله. وأصبحت طاولة العشاء الربّانيّ أو “المذبح” بسيطة جدًا وقريبة أكثر من العابدين، والتي يوضع عليها عادةً الكتاب المقدّس مفتوحًا وموضوعًا على كرسيّ خاصّ به.
وظهرت في بعض الكنائس الأولى التي بناها المصلحون تلك التصاميم المستحدثة للبناء، التي اعتمدت بداية الشكل الدائريّ، كما في كنيسة "شين باكييه" في سويسرا، حيث يجلس العابدون على مدرّجات خشبيّة بسيطة. واتّسمت تلك الكنائس بالتقشّف، فخلت من مظاهر الزخرفة، ومن الأيقونات التي رفض المصلحون إجلالها. وقد نبذ أتباع "زوينكلي" و"كاﻟﭭﻴﻦ" مثلًا، الرسومات الدينيّة والمنحوتات برمّتها، ولم يكن هناك صليبٌ يعلّق في بعض كنائسهم، وإن وضعوا صليبًا اليوم، فإنه لا يحمل جسد المصلوب أو صورته، لكونهم يؤمنون بقيامته. لكنّ هذا التوجّه لم يكن مطلقًّا، إذ لم تتخلَّ بعض الكنائس كاللوثريّة والأنغليكانيّة عن الصلبان والرسوم الدينيّة والزجاج الملوّن الذي يصوّر قصصًا من الكتاب المقدّس.
كما نؤمن بأن الله لا يعيش في هياكل مصنوعة بيدّ الإنسان، نعلم أيضًا أن الأماكن المكرّسة للربّ وخدمته ليست دنيويّة، ولكنّها مقدّسة من خلال كلام الله الذي يذكر فيها وطرق استخدام الأشياء المقدّسة فيها.
هاينريش بولينجر (1504-1575)، Confession helvétique postérieure ، الفصل الثاني والعشرون (مقتطفات)
مع مرور الوقت تطوّرت الأنماط المعماريّة للكنائس الإنجيليّة، وتأثّرت بالحركات الثقافيّة العمرانيّة في عصر النهضة وعصر الباروك والعصر الكلاسيكيّ الحديث (المتأثّرة بالطراز اليونانيّ والرومانيّ) في القرنين18 و19م. كما تأثّرت بالفنّ الغوطي الحديث المترسّخ في الكنيسة الأنغليكانيّة بشكل خاصّ.
أمّا الكنائس الإنجيليّة غير التقليديّة فلا تتشدّد في شكل المبنى أبدًا؛ لكونها تعتبر أن أيّ بناء يفي بغرض العبادة. وقد تبنّت ابتكارات معماريّة حديثة جدًا لاستيعاب أعدادٍ كبيرة من المؤمنين أثناء العبادة كانت قد نجحت في استقطابهم، واستوحت شكل كنائسها من معتقداتها الإيمانيّة المتعلّقة بالمستقبل الآتي، فظهرت "الكنائس الضخمة" القادرة على استيعاب آلاف المؤمنين دفعة واحدة.