“الكنيسة” في إطارها المادّي، هي المبنى الذي يستقبل الجماعات المسيحيّة للاحتفال بالقدّاس وسائر أسرار البيعة وبأشباه الأسرار، مثل الجنازات والطقوس الأخرى. في الحياة اليوميّة، يأتي المؤمنون إلى الكنيسة أيضًا للاجتماع والصلاة وقراءة كلمة الله.
كانت البازيليك الرومانيّة في الامبراطوريّة مكان عبادة المسيحييّن الأولى حتى نهاية القرن الرابع ميلاديّ؛ وكانت تضمّ المحكمة وقاعة الاجتماعات. يتميّز مبنى "البازيليك" بالشكل المعماريّ النصف دائري للحائط المبنيّ وراء "المذبح". وما لبثت الكنائس الغربيّة المعروفة باللاتينيّة - في القرن العاشر ميلاديّ- أن تبنّت شكل الصّليب في البناء، في خطوة مغايرة للشكل البازيليكيّ النصف دائريّ. يتّجه صحن الكنيسة المخصّص لاستقبال المؤمنين عادةً من الشرق إلى الغرب مقطوعّ بذراعين، بشكل جناحين. يقف رجال الدين في المذبح المرتفع عدّة درجات، في أقصى الشرق، حيث يُحتفل بالقدّاس، ويفصلهم عن المؤمنين حاجزٌ مزخرفٌ، إضافةً إلى كرسيّ، يُستخدم كمنصّة مرتفعة لإلقاء العظة.
الحركة القويّة التي تنطلق من الركائز والأعمدة، وتنتعش في خفّة الأقواس، تأخذنا للأعلى، وراء أنفسنا، إلى الشمس التي تلعب بين الزهيرات وتتحوّل حضورًا وحنانًا لله في الضوء.
جاك لوكليرك (1923-2004)، كاهن سابق لكنيسة نوتردام دو ﭘﺎري
خلال القرون الوسطى، سيطر أسلوبان معماريّان في الغرب: الرومانيّ وبعده الغوطيّ. ونحا الأسلوب الغوطيّ إلى المغالاة في المساحة والارتفاع في بناء الكنائس، وخاصة في المدن حيث كراسي الأساقفة، على مثال "كاتدرائية ريمس" في فرنسا. وكان للرهبانيّات كذلك دور كبير في البناء مثل"أديرة الرهبان الكسترسيون". وهيمنت على مشهديّة العمارة في القرون الوسطى قباب أجراس الكنائس وأبراج الكاتدرائيات. في ذلك الزمن تمّت تغطية المنحوتات والأقواس والجدران الداخليّة للكنائس بالرسومات الملوّنة واعتُمد زجاج النوافذ المشغول بالألوان. وكانت هذه العناصر الزخرفيّة تُمثّل مشاهد من الكتاب المقدّس، وقد لعبت هذه الفنون وظيفة تثقيفيّة بين السكان الأمّييّن بغالبيتهم، خاصة في المجتمعات التي كان إيقاع الحياة فيها مرتبطٌ برنين الأجراس والحياة الكنسيّة.
منذ ذلك الوقت ظهرت أنواع مختلفة من العمارة، كالأسلوب الباروكيّ الـمُسرف في الزخرفة، الذي ساد نهاية عصر النهضة، إلى النيوكلاسيكيّة في القرنين (18-19م) التي أعادت اكتشاف الأعمدة اليونانيّة-الرومانيّة والقبّة الشرقيّة.
إلى ذلك تبنّت الهندسة المعماريّة لكنائس القرن العشرين أشكالًا جديدة (البيضاويّ، والدائريّ) مع خطوطٍ جريئة أحيانًا، كما في كاتدرائية مدينة برازيليا. بشكل عام، حيث أقترب المذبح من المؤمنين وتقلّص الحاجز، واستبدل منبر الوعظ بالقرّاية. وصاحب هذه التغييرات إصلاحٌ في طقوس الليتورجيا الكاثوليكيّة، التي شجّعت، منذ المجمع الفاتيكانيّ الثاني (1962-1965)، مشاركةً المؤمنين في القدّاس الإلهيّ، وسائر عناصر الليتورجيا.