“الكنيس” هو المبنى المركز في الحياة الدينيّة للمجتمعات اليهوديّة، والشاهد على حيويّة الجماعات اليهوديّة المرتبطة به ووضعها.
يرُجّح أن المعابد اليهوديّة الأولى قد ظهرت في مرحلة الجلاء في القرن السادس قبل الميلاد بين النّخب اليهوديّة في بابل، وقد أصبح الكنيس المركز الروحيّ للديانة اليهوديّة بعد أن أعاد الحاخامات تنظيمه إثر دمار هيكل أورشليم على يدّ الرومانييّن في عام 70 م.
تأتي كلمة كنيس من اليونانيّة القديمة "سيناغوغين) ويعني (جَمَعَ). يُطلق عليه في العبريّة اسم "بيت الكنيست- Beit Knesset" أيّ (بيت الإجتماع)، هو المكان الذي يجتمع فيه المؤمنون للصلاة ودراسة التوراة والتلمود. يحتوي المبنى على غرف مخصّصة للقاءات الجماعة، ومكتبة وصالة طعام. تُنظم قاعة الصّلاة بشكلٍ يسمح للمؤمنين بالصلاة في اتجاه أورشليم القدس. توجد في المقدمة منصّة، تسمى (بيما)، حيث تتمّ تلاوة التّوراة. توضع لفائف التّوراة في خزانة خاصة مزخرفة كتذكير بتابوت العهد في الصّحراء وقدس أقداس الهيكل في أورشليم، وتُشكّل هذه الخزانة الجزء المقدّس من المبنى، ويُضاء في محاذاتها مصباح بشكل مستمر، كرمز لحضور الله.
فَيَصْنَعُونَ لِي مَقْدِسًا لأَسْكُنَ فِي وَسَطِهِمْ
التوراة، سفر الخروج، 25- 8
يتمّ داخل الكنيس تقليديًا فصل النساء عن الرجال بشعريّة، وقد تغيّر هذا التقليد مع الوقت، خاصة لدى التّيار اليهوديّ الليبراليّ الذي تخلّى تدريجًا عن هذه العادة بشكلٍ كامل.
رغم كشف علم الآثار عن جداريات قديمة مرسومة تصوّر مشاهد من الكتاب المقدّس، يفضّل الفنّ الزّخرفيّ اليهوديّ الأشكال الهندسيّة وفنّ خطّ آيات الكتاب المقدّس، التزامًا بالوصيّة الثالثة من الوصايا العشر التي تحرّم عبادة الأصنام أو تصوير وإقامة منحوتات لما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض.
على مرّ العصور، إستعارت الهندسة المعماريّة للكنيس أنماطًا من الثقافات المحيطة بها، ومزجت غالبًا هذه التأثيرات مع الأساليب الرومانيّة والقوطيّة كما هو الحال في أوروبا الغربيّة، أو المغاربيّة الموروثة من إسبانيا العربيّة- المسلمة. وتحوّلت بعض هذه المجامع أحيانًا إلى صروحٍ كبيرة وخاصةً خلال المراحل التاريخيّة الأكثر تسامحًا كما في أوروبا الغربيّة في القرن التاسع عشر، على مثال الكنيس الكبير في بودابست في المجر. وبرز بعد مأساة المحرقات النازيّة طراز النّصب التّذكاري الكلاسيكي أو الحديث في العمارة اليهوديّة تخليدًا لهذه المرحلة.