"أهلًا فيكم، أهلًا فيكم، الصف الأول بيحيّكم"
تحيةٌ يطلقها أطفال من على مقاعد المدرسة، ولكنها ليست مدرسة عادية، ولا الطلاب هم بزيهم المدرسي المعهود. هم طلاب نازحون من سوريا الى الداخل اللبناني، وترتبط قصتهم بقصة "عبد الرحيم"، الذي تعالى على جراح الحرب والموت والنزوح، ليخلق من عمق مأساة العيش في مخيم للنازحين، مبادرةً لتعليم وتأهيل أطفال المخيم.
ظروف النزوح القاسية لم تُثنِ "عبد الرحيم" عن تطوير مهاراته الشخصية، ونقلها للمستفيدين من حوله، وهو منتسب حاليًا إلى برنامج في "معهد المواطنة وإدارة التنوع" التابع لمؤسسة أديان في بيروت. كل ثلاثاء، يقضي "عبد الرحيم" ثلاث ساعات في السيارة في طريقه إلى بيروت، لحضور محاضرة مدتها ساعتان فقط، غير آبه لمشقة الطريق لما:" أكتسبه من خلال هذه التدريبات من مهارات وخبرات، وفهم للآخر، وفهم للأديان الموجودة. وأعمل لاحقًا على تنفيذها ونشرها ضمن المركز الذي أشرف عليه، وضمن مجتمعي، وفي المخيمات التي أزورها، وأحتك فيها بالناس. وكذلك، أنقل هذه الخبرات، للأطفال الذين أعمل معهم، وللشباب ضمن فريق العمل لدي".
كما لفتت "عبد الرحيم" تداعيات الحرب والموت التي ظهرت في سلوكيات وأحاديث الأطفال والشباب، ما دعاه إلى العمل لاستدراك الوضع، فـ"أطفالنا آتون من بيئة حرب، ويحتاجون إلى رعاية خاصة. والشباب كانوا منطويين على أنفسهم داخل خيمهم. وقد لاحظنا مصطلحاتٍ بدأت تظهر وتتردد بينهم، وذاهبة في الإطار "التشددي". وبدأنا العمل مع هؤلاء الشباب باستخدام الفن لإخراج المكبوتات من داخلهم، ومحاولة تخفيف الآثار السلبية التي تركتها عليهم مشاهد العنف والدمار والقتل والدم."
"قتيبة" نموذجٌ لطفلٍ سوري شكّل الفن نقطة تحوّل في حياته، يعشق غناء "الراب"، وترشّح لجائزة السلام العالمية لحقوق الطفل لعام 2017. يغني قتيبة ودموع الحزن تهرب من عينيه، فيمسحها ناقلًا المأساة التي يعيشها:
"أنا انتمائي درزي، سني، علوي أو مسيحي
أنا انتمائي سوري ما بغيّر تلاميحي...
الطفل مات، قال رايح أشتكيكم لـ لله..."
يقول قتيبة "عن طريق غناء الراب يمكنني أن أوصل رسائل للعالم. فاخترت الراي، والشيخ عبدو يشجعنا على المضي في هذا الموضوع، ويقول أنه علينا أن نكمل به".
ويوضح عبد الرحيم " تمكّنا من تفجير طاقات ومواهب عند هؤلاء الشباب، وهذا ما ساعدنا على تغيير سلوكهم، ونحن اليوم نسير وإياهم في مسار آخر، هو نشر فكر الحوار، وعدم استخدام العنف للوصول إلى الهدف. نحن نعمل ليصبحوا شخصيات فاعلة، وبناة سلام".
ويختم عبد الرحيم "حتى ولو كنت نازحًا، وحتى لو لم يكن عندي إمكانيات، من الممكن أن أصنع تغييرًا في مجتمعي".
هي قصة نجاح عبد الرحيم... ما هي قصتك؟
يذكر أن "شو قصتك" هي حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تنطلق عبر موقع “تعددية” خلال شهر نيسان/أبريل الجاري، لجمع قصصٍ لشبابٍ فاعل في مواجهة الإرهاب والتطرّف.