الرجوع

من هو المؤمن؟

الأربعاء

م ٢٠١٧/١٠/٠٤ |

هـ ١٤٣٩/٠١/١٤

 

أَنظُرُ في الآونة الأخيرة إلى مواقف تصدر عن مرجعيات دينية من أنحاء العالم، أمِنْ أديان توحيدية كانت كالمسيحية والإسلام والسيخية وغيرها، أم من أديان غير توحيدية كالهندوسية والبوذية وغيرهما، وإلى الأفعال التي تترتب على هذه المواقف.

 فمن ناحية، أرى مواقف مشرقة، خاصة المواقف التضامنية مع الأديان الأخرى، ومواقف الدفاع عن كرامة الإنسان أينما كان؛ ولكنني أرى في نفس الوقت مواقف أخرى مخزية، تدل على عدم سعة قلوبِ بعض من يتحدث باسم الأديان، وعقولِهم، إن كانوا مرجعيات دينية أم أفرادًا منتمين إلى هذه الديانات، ولهم أتباع هائلة بين الناس، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

وعلى هذا، خلاصتي اليوم هي أنه لا يهم فقط بماذا تؤمن، بل يهم أيضًا وأكثر كيف تؤمن.

فإنْ كنت تظن أن الحق معك وحدك فقط، إنْ كان في الأمور الأخرويّة أو الأمور الدنيوية، فأنت متطرّف لا مؤمن.

وإن كنت تعتبر أي عبادة أو شعيرة تقوم بها، أنها أهم من أخيك الإنسان الذي بجوارك، فأنت متعصب لا مؤمن.

وإن كنت تظن أن واجبك المقدس هو الدفاع عن الدين وعن الله، لا الدفاع عن الإنسان الذي أحيانًا تهدر حقوقه أو حتى حياته باسم الدين، فأنت ضالٌّ لا مؤمن.

وإن كنت تستعمل الدين كوسيلة لبسط سلطتك على من حولك من أسرة أو جماعة، ولتبريرها، فأنت سلطوي لا مؤمن.

وإن كنت تستخدم الدين كَبابٍ لاكتساب المال أو الجاه على حساب المحتاجين، فأنت مُراءٍ لا مؤمن.

وإن كنت تقدم مصلحتك الخاصة على المصلحة العامّة، فأنت انتهازي لا مؤمن.

وإن كنت تخاف من قول ما تؤمن به خلافًا لجماعتك، فأنت جبان لا مؤمن.

وإن كنت تتخذ النص الديني كمسوِّغ لاستعباد الناس وقتلهم، فأنت مغضوب عليك لا مؤمن.

وإن كنت تختار التفسيرات للنصوص الدينية التي تُقصي الآخر وتُرذل ديانته، بدلًا من التفسيرات المتوافرة التي تفتح الباب لاحترام ديانة الآخر ومساره الإيماني، فأنت أناني لا مؤمن.

وإن كنت ترى أن المصائب التي تَطُول أقوامًا أخرى من هزات أرضية أو أعاصير، هي عقاب إلهي لهم لأنهم مختلفون عنك في الدين، فأنت غير إنساني لا مؤمن.

وإن كنت تدافع عن أبناء دينك أو طائفتك، ولا تدافع عن أبناء الطوائف الأخرى المهدورة حقوقهم، فأنت ممن يكتال بمكيالين لا مؤمن.

وإن كنت لا تدافع عمن هو مختلف عنك ضمن جماعتك خوفًا من أن يتهمك الآخرون، فأنت أيضًا جبان لا مؤمن.

وإن كنت تحوِّل المظالم المحقّة من مطالب حقوقية عقلانية إلى خطاب عاطفي يؤجّج المظلومية، فأنت متعصب لا مؤمن.

وإن كان دمك يغلي عندما يقوم أحدهم باتهام دينك بسوء، ولا يرفُّ لك ساكن عندما يُذبح أخوك الإنسان، فأنت ضالّ لا مؤمن.

وإن كنت تعتبر أن أي مظهر حضاري لديانة أخرى، يهدّد ديانتك أو يستفزّها في عُقْر دارها، فأنت ضعيف الإيمان لا مؤمن.

وإن أعطيت الكلمة الأخيرة للمسؤول السياسي أو الديني لجماعتك، لا لضميرك الحي، فأنت عبد لإنسان لا مؤمن.

وإن كنت لا ترى في الآخرين إلا تهديدًا لك، ولا تقرأ في كلامهم إلا تنديدًا لك، فأنت مرتاب لا مؤمن.

وإن كنت لا تستطيع أن تسامح من اعتذر إليك، فأنت صاحب ضغينة لا مؤمن.

وإن كنت لا تستطيع أن ترى الخير في الناس من حولك، أيًّا كانت عقائدهم، فأنت مُقفَل القلب لا مؤمن.

فمهما كانت العقائد والرموز التي تؤمن بها، فإنك إن كنت مؤمنًا، تكون أولًا:

محبًّا، مريدًا للجميع ما يريدونه لأنفسهم، وهو الاعتراف بهم واحترام كرامتهم وحقوقهم.

مِعطاءً، مؤْثِرًا الآخرين على ذاتك، ومؤْثرًا للخير العام على مصلحتك الخاصة.

مسؤولًا، مقدِّمًا القيم والمبادئ العليا على المال والجاه والسلطة.

عقلانيًّا، مغلّبًا العقل على اللغة العاطفية، ومغلّبًا المصلحة العامّة والخير العام على المشاعر الفئوية.

شجاعًا، مدافعًا عن الحق أينما كان، خاصة حقوق الناس.

مؤمنًا بالخير، مؤمنًا بالناس، مؤمنًا بذاتك وبقدرتك على فعل الخير مِن حولك ومع غيرك.

إن كنتَ كل ذلك، تكون الجار الذي أرتضيه دنيا وآخرة، وطريقة إيمانك ستشدني إلى محاولة التعرف إلى ما تؤمن به. وإن كنت متعصّبًا جاهلًا أنانيًّا جبانًا مرتابًا انتهازيًّا، تنفّرني ليس فقط عنك، ولكن عمَّا تؤمن به أيضًا.

* هذا المقال يعبّر عن رأي كاتبته ولا يعبّر بالضرورة عن رأي موقع تعددية *

مقالات الرأي المنشورة في تعددية تعبر عن رأي الكاتب/ة، ولا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة.

إعادة نشر أي مقال مشروطة بذكر مصدره "تعددية"، وإيراد رابط المقال.

الكلمات الدليلية

جميع الحقوق محفوظة © 2025
تصميم وتطوير Born Interactive
معلومات ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين التنقل في الموقع وتحليل استخدام الموقع والمساعدة في جهود التسويق. تحقق من سياسة ملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا للحصول على التفاصيل.

إعدادات الخصوصية

حدد ملفات تعريف الارتباط التي تريد السماح بها. يمكنك تغيير هذه الإعدادات في أي وقت. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي هذا إلى عدم توفر بعض الوظائف. للحصول على معلومات حول حذف ملفات تعريف الارتباط، يرجى الرجوع إلى وظيفة المساعدة في المتصفح الخاص بك.
تعرف على المزيد حول ملفات تعريف الارتباط التي نستخدمها.

ضروري
وظائف
تحليلات
تسويق

هذا الموقع سوف:

  • يتذكر إعداد إذن ملفات تعريف الارتباط
  • يسمح بملفات تعريف الارتباط للجلسة
  • يجمع المعلومات التي تدخلها في نماذج الاتصال، والنشرة الإخبارية والنماذج الأخرى عبر جميع الصفحات
  • يساعد على منع هجمات التزوير (CSRF) عبر الموقع
  • يحافظ على حالة جلسة الزائر عبر طلبات الصفحة
  • تذكر إعدادات التخصيص
  • يتذكر الإعدادات المحددة
  • يتتبع الصفحات التي قمت بزيارتها والتفاعل الذي اتخذته
  • يتتبع حول موقعك ومنطقتك على أساس رقم IP الخاص بك
  • يتتبع الوقت الذي تقضيه في كل صفحة
  • يزيد جودة بيانات وظائف الإحصاء
  • يستخدم المعلومات للإعلان المخصص مع أطراف ثالثة
  • مح لك بالاتصال بالمواقع الاجتماعية
  • يحدد الجهاز الذي تستخدمه
  • يجمع معلومات التعريف الشخصية مثل الاسم والموقع

هذا الموقع الإلكتروني لن:

  • يتذكر إعداد إذن ملفات تعريف الارتباط
  • يسمح بملفات تعريف الارتباط للجلسة
  • يجمع المعلومات التي تدخلها في نماذج الاتصال، والنشرة الإخبارية والنماذج الأخرى عبر جميع الصفحات
  • يساعد على منع هجمات التزوير (CSRF) عبر الموقع
  • يحافظ على حالة جلسة الزائر عبر طلبات الصفحة
  • يتذكر إعدادات التخصيص
  • يتذكر الإعدادات المحددة
  • يتتبع الصفحات التي قمت بزيارتها والتفاعل الذي اتخذته
  • يتتبع حول موقعك ومنطقتك على أساس رقم IP الخاص بك
  • يتتبع الوقت الذي تقضيه في كل صفحة
  • يزيد جودة بيانات وظائف الإحصاء
  • يستخدم المعلومات للإعلان المخصص مع أطراف ثالثة
  • يسمح لك بالاتصال بالمواقع الاجتماعية
  • يحدد الجهاز الذي تستخدمه
  • يجمع معلومات التعريف الشخصية مثل الاسم والموقع

حفظ وإغلاق